اغتيال السفير الروسي في تركيا
كلنا مع حلب الجريحة، ونشجب بكل قوة ما يتعرض لها أهلها من جرائم إنسانية فظيعة، وبشعة، لا يُقدم على ارتكابها إلا الوحوش والبرابرة؛ غير أن اغتيال السفير الروسي في أنقرة هو عمل إرهابي بامتياز، لا تقره جميع الأديان، ولا علاقة له مطلقا بدين الإسلام. فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول في الحديث الصحيح (الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن)؛ ومن عاد إلى أمهات كتب الفقه والحديث وكتب السير سيجد بوضوح أن عمليات الانتقام والترصد والتربص والاغتيالات والفتك بالأعداء، أيا كانوا، وبغض النظر عن ما اقترفوه من جرائم، لا يُقرها الإسلام، ولا علاقة لها بالجهاد الشرعي أيضا.
لذلك فإن كل من أثنى أو تعاطف مع هذا المجرم الأفاك هو إما جاهل عامي، أو متأخون متحزب، أو سروري أفاك.
بعض المتأسلمين، ومن ناصرهم، في (تويتر) تجد أنهم تأثروا تأثرا عميقا بمصطلحات تضليلية، وأدخلوا (العمليات الإرهابية) إلى قواميس الجهاد، فأصبح الاغتيال والعمليات الانتحارية وتفجير الآمنين، ضربا من ضروب الجهاد.. وبسبب تقاعس الفقهاء غير المتأسلمين، - للأسف - عن مواجهتهم، وتضليلهم، وافتراءاتهم أصبح الفتك والترصد وقتل الغيلة من مفاهيم الجهاد.
ويجب ألا نخلط بين تعاطفنا مع ضحايا حلب، التي هي بكل المقاييس جريمة نكراء فاشية، وبين اغتيال السفير الروسي، ونوظفها (كمبرر) لهذه العملية الإرهابية؛ بل أن العقلاء - ودعك من العوام (المتشفين) - تنبهوا إلى أن هذه العملية الإرهابية ستضر الثوار السوريين أنفسهم وتشوه قضيتهم، وتصب في مصلحة النظام ومن ورائه من ميليشيات فارسية صفوية، وهذا ما تضمنه تصريح الرئيس الروسي «بوتين» الذي قال: (إن هذه العملية لن تجعلنا نتراجع عن موقفنا لملاحقة الإرهابيين).
وهنا لا بد من القول إن أول من عد (الاغتيال) ضربا من ضروب الجهاد كان جماعة الإخوان المصرية، عندما قام (الحرس الخاص) لهذه الجماعة بعملية (اغتيال) رئيس الوزراء المصري «محمود النقراشي» في منتصف القرن الميلادي الماضي واعترف مؤسسها الهالك «حسن البنا» بهذه العملية وبنسبتها لجماعته، فسنّ هؤلاء المتأسلمون في الإسلام سنة سيئة محدثة، وهي الاغتيالات الإرهابية، وانتشر مصطلح (عملية جهادية) بعدهم بين كل الحركات المتأسلمة، التي خرجت من هذه الفرقة الضالة البدعية.
خلاصة ما أريد أن أقوله هنا إن عملية اغتيال السفير الروسي عملية إرهابية بامتياز، وأنها لا تمت لدين الإسلام بصلة، ولا للجهاد الشرعي كذلك، أما أولئك العوام الجهلة الذين يعتبرون الاغتيالات عملية جهادية، لنصرة الإسلام، فهم (أجهل من حمير أمهاتهم). إلى اللقاء.
نقلا عن "الجزيرة"
لا يوجد تعليقات